مقدمة عن التسامح
يمكن تعريف التسامح ببساطة، بأنه عفو عن الآخرين، وعدم إيذاء الغير أو رد الشر بمثله، فالشخص المتسامح هو من لديه قبول تام لمن حوله، فالعفو فيما سبق دوماً يمنح الغير فرصه لأن يكونوا أفضل وأكثر قبول للتغير، أما الوقوف على أخطاء الآخرين وعدم تقبلهم يجعل الناس دائماً تشعر بأن لا مجال لتعديل سلوكهم أو التغير من نفسهم.
التسامح هو فرصة جميلة ليبدأ الناس من جديد معلنين الحب ورافعين شعار الإنسانية والعفو، فأعظم ما يتسم به المرء هو العفو فهي صفة تدل على السمو والخلق الرفيع والإنسانية والكرم، فكل شخص يعفو عن غيره يمنحه فرصة كبيرة في الحياة، ربما تجعله أفضل مما كان، لذلك يجب أن ندعو جميعاً للتسامح كونه يجعل المجتمع كله أفضل.
عرض موضوع عن التسامح
التسامح يمكن الناس من العيش بسلام ورقي، ويساهم في تحسين المجتمع وتعديل سلوك الناس فيه، فالحياة دون تسامح ستكون جافة جداً مليئة بالمعارك والصراعات التي تهد ولا تبني، فالتسامح بقدر ما يصلح هو أيضاً قوة لا يقدر عليه سوى الأسوياء المخلصون المتصالحين مع أنفسهم.
ليس الجميع لديه القدرة على التسامح والغفران والعفو عمن أساء لهم أو آذاهم فكثيراً من الناس لا يمكنهم الصفح عن الغير ويكون لديهم حب للانتقام والثأر ممن هم حولهم، لذلك فمن قدر على التسامح هو شخص نقي يعرف أن كل البشر يمكنه أن يخطئ ويتوب عن الخطأ، ويرجع عنه.
أهمية التسامح للفرد والمجتمع
هناك العديد من الفوائد التي تعود على الفرد والمجتمع جراء التسامح فالشخص المتسامح نفسه يعيش حياة أفضل من الذين يكنوا البغض والكراهية، فأجمل ما يتمتع به المرء التسامح[2].
العيش في سلام وأمان دائم، حيث غن الشخص الذي يسامح كثيرا لا يكون في قلبه مكان للبغض ولا الكراهية، ولا يكون دائماً تحت ضغط عصبي جراء المشاحنات والمشكلات التي يعيش فيها.
التخلص من الضغط العصبي والألم النفسي الذي يسببه البغض والكراهية، فاحد أهم الأمور التي يعاني منها الأشخاص الضغط العصبي لأنهم يعيشوا في حراب دائمة.
احترام الفرد لذاته، حيث إن التسامح يشعر المرء بالسمو والقوة، وبأنه أقوى من أن يقع تحت عجلة الانتقام، لذلك فالتسامح والصفح أهم القيم التي تشعر المرء بأنه ذو قيمة كبيرة.
التفكير الإيجابي الفعال، فالذين ينشغلوا دائماً بالحقد والكراهية لا يمكنهم أبداً من التفكير الإيجابي، فهم دائماً في عداء مع غيرهم، ولديهم رغبة ملحة بالانتقام والثأر، مما يجعل تفكيرهم سيء وسلبي.
أتسام الفرد بالهدوء والرصانة، وعدم الانفعال الدائم على أقل الأسباب، حيث غن الضغط العصبي من أهم مسبات الحالات العصبية الغير مبررة دائماً
تحسين خلايا الدم اغ، فوفقاً للدراسات أن الشعور السلبي والتفكير الزاد مسببات أساسية لموت خلايا الدماغ والمشكلات الصحية التي ينجم عنها ألم وصداع دائم.
فوائد التسامح للمجتمع
كل الأمور الإيجابية التي التي تعود على الفرد، تخدم المجتمع، وتعود عليه أيضاً فالمجتمعات المتحضرة هي تلك المجتمعات التي يساهم أهلها في بنائها ويتعاونوا على الخير، يكون بينهم حب وتسامح كبير، فالعداء لا يخلف سوى الجهل والفقر والمشاكل والمشاحنات والأذى، وتتمثل فوائد التسامح للمجتمع في:
انتشار الحب بين أبناء المجتمع الواحد، حيث يشعر ك منهم بمسؤولية الحفاظ على الآخرين والشعور بالحب والدائم.
الرغبة في العمل والتطور، وعدم الانشغال الدائم بالمشاحنات والمشكلات التي تدمر الفرد وال
هناك العديد من مزايا التسامح في بناء المجتمعات ورقيها، حيث أن المجتمع الراقي هو المجتمع الذي يسمح للمخطأ أن يتوب عن الخطأ ويندمج ثانيا مع من حوله.
التسامح يخلق أجيال قادرة على التعاون والأبداع، كما أن تلك المشاعر الطيبة، تساعد في التبادل القافي والمعرفة، والتعرف على المزيد من المهارات، فالفرد خلق في جماعة من اجل التعامل مع الجماعات والانتماء لها والتعرف على مزيد من المعلومات.
نبذ العنف في حد ذاته رفعة للمجتمع، فالمجتمعات التي يعاني أبنائها من العنف والكراهية، تكون مليئة بالجرائم والأحقاد ويسودها الفشل والعجز، إذ أن دور التسامح في بناء المجتمع عظيم
التسامح في الدين الإسلامي
إن الإسلام دعا دعوة صريحة للتسامح، حيث يقول الله تعالى في سورة آل عمران آية 133″ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ،لَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”[1].
كما يقول الله تعالى في سورة البقرة” وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، دلالة على قيمة التسامح وقدره في الدين الإسلامي الحنيف الذي دعا دعوة صريحة وواضحة بالعفو والصفح كي يزدهر المجتمع.
الإسلام هو دين العدالة والصفح والقيم الكريمة، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان مثال للتسامح والعفو عمن أساء، فكثيراً ما عفى وتولى عمن أساء ومكر له، فالنبي محمد صاحب أعظم رسالة سلام وتسامح فهو من قال أذهبوا فأنتم الطلقاء لمن مكروا له وطردوه من احب البلدان لقلبه، فلم يترك للضغينة والحقد وحب الانتقام مكان في قلبه، لأنه نبي مختار يجب أن نحتذي به ونسير على خطاه.
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله” كأني انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهة ويقول اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعملون”، فالرسول كان خير مثال للتسامح والعفو عن الجميع حتى الكافر واليهودي والنصارى.
كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم” لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا ولا بيع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أدو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه”[3].
خاتمة عن التسامح
التسامح قيمة كبيرة، يجب أن نحرص عليها دائماً، ونجاهد انفسنا، فكثيراً من الأحيان يتعرض المرء لظلم كبير أو لأساءه بالغة، فيمتلأ قلبه بالانتقام والرغبة الجامحة في القصاص والثأر، ولكن جهاد النفس من أعظم الأمور فالكاظمين الغيط هم الفائزون وهم الصالحون، أهل الفلاح، فمهما انتقم الإنسان لم ينتصر، فما ينتصر سوى صاحب الخلق الرفيع والخلق القويم.
يجب على كل شخص أن يكون صاحب رسالة، وأعظم ما يمكن أن يحمله الإنسان من رسالة هي الدعوة الصادقة للتسامح، والحب للجميع، والرغبة الدائمة في الإصلاح، وإذا أشتد الإيذاء ورأي الشخص أن من أذاه لا يبالي ولا يطلب العفو فالابتعاد عنه واجب، لأنه شخص ضار يريد أن يغرس به في الوحل وما أسوأ من وحل الانتقام ودائرة الشر والشعور الدائم بالمشاعر السلبية والإحباط.
وأخيراً فلنتسامح ونعفو ونمضي في سلام يليق بالأديان وبالإنسانية وبالمجتمع، فمن زرع خيراً يحصد، ومن زرع شر يحصد، فالنعش في هدوء وحب وندعو للخير والتسامح والسلام.