وضع مالك بن نبي ثلاثة احتمالات ليوازن بين الحق و الواجب و يحدد مكانا لإنسان في الأديان ، كما قارن بين النظم الغربية و النظم الإسلامية التي جمعت بين الديمقراطيتين السياسية و الإجتماعية و كيف بنظر المجتمع الغربي للإنتاج و الاستهلاك ولكن المجتمع نزح نحو الفردية و العصبية ربط الفيلسوف الجزائري مالك ين نبي الإنسان بالتراب لضمان قوت اهله و اسرته ، و هذا الموقف من الناحية الاقتصادية يعني القيام بالواجب ، و لذا برى أن القطعة من التراب التي اشتغل فيها الإنسان و استغلها أصبحت ملكا له ، أي له حق الملكية و هذا الحق هو نتيجة قيام الإنسان بالواجب . هذا المفهوم لما دخل المحيط الثقافي شهد تطورا كبيرا على كل المستويات ، و يرى مالك بن نبي أن فكرة الإنسان جبلت على إتباع ما هو اسهل أي تناول الاشياء بحقوق مجانية مسلمه ، أما القيام بالواجب مهو صعب لان تحيطه المرارة و الصعوبات النفسية ، فمن وجهة نظر مالك بن نبي فقد راعت الأديان مفهوم الواجب حتى لا ينحدر بنزواته ، و يستدل فكرته بما جاء في القرآن الكريم ( فلا اقتحم العقبة ) ، ليوضح أن واقع اليوم لم ينسخ هذه الآية ، التي كما يقول قائمة في مدلولها العام في ” الزمكان “.
كما بري أن القرآن منهج فلسفي اخلاقي يركز على مفموم العقبة ، أي على مفهوم الواجب ، فكل التوجيهات التي وردت في القرآن توجه المسلم إلى الواجب كما أن النظام الأخلاقي في كل الأديان يركز على جانب الواجبات فالعلاقة إذن هي علاقة واقعية بين الحق والواجب وهي علاقة أبدية؛ حتى
إنه تاريخيا الواجب يسبق الحق ، و قد حلل مالك بن نبي هذه العلاقة بطريقة رياضية ، إذ يقول : إذا قدرنا أن الحق و الواجب أحدهما سلبي ( – ) يكون الآخر إيجابي (+ ) ، اي ترسيم محور القيم الجبرية أحدهما يكون فوق الصفر و هو كل ما نتج في التاريخ ، و هذا يعني أن الإنسان دخل التاريخ بقيامه بالواجبات ، و النتيجة التي خرج بها مالك بن نبي هي كالتالي : ( واجب+حق = أكثر أو أقل أو = صفر ) و سقاها بـ ” اللامعادلة ” . في الجانب الاقتصادي دائما فالواجب في فكر ملك بن نبي تدخل فيه كل العمليات الإقتصادية ، أما الحقوق فإذا طبق الواجب على أنه إنتاج ، يطبق الحق على أنه استهلاك ، و في هذا يشير مالك بن نبي إلى وجود ثلاثة احتمالات هي :
الإحتمال الأول : إما أن تكون نشاطات المجتمع إنتاج+استثمار ، فهذا يعني أن المجتمع في طريق النمو و الصعود ، لأن لديه ما يتوفر من الإنتاج على الاستهلاك
الإحتمال الثاني : اذا استملك الإنسان كل ما أنتجه فالنتيجة تكون صفر ( 0 ) أي لن يكون له رصيد .
الإحتمال الثالث : الواجب + حق اقل من الصفر أي أن المجتمع يعيش على رصيد ويصنع من جوهره ، و هذا يعني أننا أمام مجتمع منهار.
ولذا يوجه مالك بن ني الانسان إلى الطريقة التي عالج بها الإسلام الواقع الاقتصادي للمجتمع المسلم ، فقد عالج الإسلام قضية الإنتاج و الاستهلاك بطريقة غريبة ، مستدلا بقصة النبي الذي جاءه رجل بطلب صدقة فاختار له النبي الطريقة التي يقتات بها و يحفظ له ماء وجهه فقد نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى القضية من زاوية الواجب ( اليد العليا خير من اليد السفلى)، حسب مالك بن نبي لايمكن تصور نظماً سياسية يغير أسس اقتصادية ، والحياة السياسية هي اختيار بين نظم الديمقراطية من النوع الغربي ، أي التي تقوم على الحريات التي تؤدي بدورها إلى الحقوق ، فالفرد بواسطة دساتير تعلن الحريات قد يعيش بحرية مطلقة خاصة إذا كان صاحب رأس مال، وهذه بالنسبة لمالك بن نبي تسمى بالديمقراطية السياسية التي تترك الإنسان يتصرف في حالة قوة عندما يكون في حالة ثراء ، ومن ناحية أخرى يرى مالك بن نبي الديمقراطية الإجتماعية التي تقدم للفرد حقوقه مع بعض القيود حتى لايتصرف بكل حرية ولايستغل غيره، وهذا التقييد يجعل الإنسان مهضوم الحقوق.
يقارن مالك بن نبي النظم الغربية بالنظم الإسلامية فقد جمعت هذه الأخيرة بين الديمقراطية السياسية و الديمقراطية الاجتماعية مركزة على الإنتاج ( الواجب ) ، فالإسلام أراد أن يجعل منهجها السياسي ترتيبا متوازنا بين الواجبات و الحقوق و يحافظ قبل كل شيئ على الميزة التي يمتاز بها الإنسان و الصورة التي منحها له الله يوم خلقه ( قضية التكريم ) و حواره مع الملائكة ، و من هنا تحدث مالك بن نبي عن اسباب ظهور الصراع الطبقي ، فهذا الصراع كما يقول نتج عن علاقات اقتصادية معينة تسمى بعلاقة الإنتاج بوسائل الإنتاج ، و هي في الحقيقة علاقة الواجب بالحق ، فالإسلام وقف ضد استغلال الفرد للفرد في النظام الرأسمالي ، و استغلال طبقة لطبقة وهي الدولة في التحليل الماركسي ، في حين لم ينشأ هذا الصراع في الإسلام ، لأنه وازن بين الحق و الواجب .
خلاصة القول أن المتأمل في أفكار مالك بن نبي يقف على أن رؤيته للحق و الواجب مرتبطة ارتباطا وثيقا بالعدالة السياسية و الحقوق الأساسية انطلاقا من مفهوم أكثر اتساعا للعدالة الإجتماعية التي قامت من أجلها الحروب و الثورات ، فالعدالة الإجتماعية هي تسويق الفكرة التي يحملها كل واحد منا فيداخله عن الكرامة الإنسانية ، و هي بعد ذلك توزيع الثروة المنتجة اجتماعيا على أعضاء جماعة اجتماعية محددة ، فيما يرى بعض النقاد أن مالك بن نبي تحدث عن الحقوق في الجانب الاقتصادي ، في حين نجد أن بعض الحقوق تسبق الحقوق تلك التي تكلم عنها كالحقوق السياسية أو حقوق المشاركة ، تم الحقوق المدنية التي تعني حرية التعبير ، حرية الانتماء إلى جمعيات ، منظمات أو أحزاب ، وحق حمايته من التوقيف و الإعتقال التعسفي ، الحريات في مقابل الحقوق الاجتماعية ) أي حقوق المواطنة ، اي المشاركة الفعالة في المناقشات السياسية و صباغة القرارات .
علجية عيش